علم المؤمنون ما في الجنة من نعيم فاستقاموا على الطريق المستقيم ، وشمروا سواعدهم للعمل الصالح ،
ورأوا إيثار الباقي على الفاني , وتزودوا من دار الممر إلى دار المستقر ، وعملوا لما بعد الموت ،
وحسبهم قول الرسول (( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني )) .
ونسأل أنفسنا لماذا خلقنا الله ؟
ونجد في القرآن الجواب الشافي حتى لا نضل وننسى
ففي سورة البقرة {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }البقرة30
ويقول تعالى في سورة الذاريات{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ{56} مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ{57} إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ{58}}
وفى سورة الملك {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ }الملك2
فغاية خلق الإنسان تتلخص في الاستخلاف في الأرض والعبادة لله .
والحياة هي امتحان وابتلاء ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر .
وأنزل الله إلينا القرآن هداية وبشرى للمؤمنين ،
وأرسل إلينا خاتم الأنبياء والمرسلين - صلى الله عليه وسلم - ليبين لنا الطريق ،
ووضع لنا ميثاقا خالدا ً فقال (( تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا ً كتاب الله وسنتي )) ،
وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ،
ولم يدع مجالا ً للخير إلا وأمرنا به ، ولم يدع مجالا ً للشر إلا وحذرنا منه فتمت الرسالة ووضح الطريق المستقيم
وصدق قول الله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }الأنبياء107 .
وأمرنا الله أن نتمسك بهديه {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }الأنعام153
فلم يعد لبشر حجة
{رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً }النساء165.
فيا عجب على من باع الجنة الغالية بالحياة الفانية الرخيصة ،
وباع جنة عرضها السماوات والأرض بسجن دنيوي بين أرباب العاهات والبليات ،
ومساكن طيبة في جنات عدن ببيوت دنيوية ضيقة ، وفضل اللذة المؤقتة المجهدة على اللذة الباقية في الجنة العالية.
ونادى المنادي (( يا أهل الجنة إن لكم أن تنعموا فلا تيأسوا وتحيوا فلا تموتوا وتقيموا فلا تظعنوا وتشبوا فلا تهرموا )).